تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » تعدد المهام الذهنية: سرعة أداء وقلة إنتاج -تعليم اماراتي

تعدد المهام الذهنية: سرعة أداء وقلة إنتاج -تعليم اماراتي 2024.

  • بواسطة

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
تعدد المهام الذهنية: سرعة أداء وقلة إنتاج

فرضت علينا ظروف الحياة ونمطها السريع العديد من التصرفات التي نقوم بها رغماً عنا، مع علمنا وفهمنا الكامل لمدى خطورتها علينا وعلى الكفاءة الذهنية للعقل البشري، وأصبح تعدد المهام الذهنية واقعاً لدى الكثيرين، للدرجة التي أصبحنا نعتبر فيها أن أداء مهمة واحدة فقط يعد شيئاً من الكسل والتراخي .

وبعضنا يعتقد أنه لا ضرر في أن ترسل رسائل نصية بالهاتف بينما يشاهد التلفزيون، أو الإبحار في شبكة الإنترنت والتحدث مع العائلة في آن واحد .

وفي الواقع فإن شركات الأدوية مشغولة هي الأخرى في إنتاج عقاقير تعزز من كفاءتنا الذهنية، لكي نتمكن من القيام بعدد أكبر من المهام في الوقت نفسه .

لكن العلماء يكتشفون أن هوس اليوم في إنجاز أكثر من عملية ذهنية واحدة في وقت واحد له آثاره الخطيرة في المخ، بدءاً بالضغط العنيف وحالات الغضب العارم لدى البالغين، وانتهاء بمشكلات التعلم ومرض التوحد لدى الأطفال .

وما يدعو للسخرية أيضاً، أن التقدم الحاصل حالياً في تقنية المسح الطبي يجعلنا أقل كفاءة ذهنية، فهذا التقدم يعني أننا نستطيع مشاهدة ما يحدث داخل المخ عندما يحاول الناس القيام بعدد مختلف من المهام العقلية المعقدة في نفس الوقت، والأخبار ليست جيدة .

تنظيم العقل

يقول العلماء إن العقل البشري لا يمكنه أداء عدد متنوع من العمليات العقلية في آن واحد، إذ إن ذلك يتطلب انتقاله من مهمة إلى أخرى بطريقة عشوائية وغير منتظمة .

وتحتاج عملية الانتقال بين المهام العقلية جهداً متواصلاً، ما يعني أن أداء عمليتين عقليتين أو أكثر في آن واحد، يسبب ضغطاً شديداً وإجهاداً على المخ، فمن الأفضل إذاً، أن تتم العمليات العقلية بصورة متتابعة وليست متزامنة . ويعد البروفيسور إيرل ميللر، أستاذ علم الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، صاحب السبق في إجراء هذا البحث، فقد أجرى مسحاً طبياً على عدد من المتطوعين أثناء أدائهم لعمليات عقلية متنوعة، ووجد أنه إذا تعرض الشخص إلى مجموعة من المثيرات البصرية، فإن واحداً أو اثنين على الأكثر من هذه المثيرات هو الذي يتمكن من تنشيط المخ، ما يثبت أن مخ الإنسان ليست له القدرة على التركيز على أكثر من عملية ذهنية واحدة أو اثنتين، وإذا تعرض لضغط المزيد من هذه العمليات، فإنه ينزلق جيئة وذهاباً للتنقل بين العمليات في حركات عشوائية .

وتنشأ المشكلة الحقيقية عندما نحاول التركيز على المهمتين اللتين يتعامل معهما المخ في الوقت نفسه، إذ يسبب ذلك جهداً أكبر على قدرة المخ على أداء العملية .

ويتضح ذلك تماماً عند محاولتنا القيام بمهام متشابهة في الوقت نفسه، مثل تحرير رسالة إلكترونية أثناء الحديث على الهاتف، لأن كلتا العمليتين تتنافس على استخدام نفس الجزء من المخ، وهذا ما يترتب عليه نتائج سلبية مثل بطء تنفيذ العملية .

وقد كشفت دراسة حديثة أن الأشخاص الذين يقومون بأكثر من مهمة في الاتصالات في آن واحد، كإرسال الرسائل القصيرة، وتصفح الإنترنت، ومشاهدة الفيديو، والدردشة مع الأصدقاء عبر البرامج المختلفة، يكونون أقل قدرة على تحويل انتباههم من مهمة لأخرى، من أولئك الذين لا يقومون بأكثر من مهمة غالباً .

وأوضح أحد الباحثين، وفقاً للدراسة التي نشرت في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم، أن أولئك الأشخاص الذين يقومون بأكثر من مهمة في آن واحد، يكونون أقل تركيزاً، ومن السهل صرف انتباههم لأمر آخر أثناء قيامهم بعمل معين، في حين ليس من السهل تشتيت انتباه أولئك الذين لا يستخدمون الوسائل التكنولوجية بشكل متزامن .

ومن الأسباب التي تؤدي إلى تلك النتيجة، هو أن الأشخاص كثيري المهام، غالباً ما يتم تخزين المعلومات لديهم على الذاكرة قصيرة الأمد، ما يجعل أمر تركيزهم وتذكرهم للأشياء أصعب من أولئك الذين لا يرسلون رسائل نصية قصيرة أثناء تصفحهم للإنترنت مثلاً .

وأورد الدكتور جلين ويلسون، طبيب الأمراض العقلية في جامعة لندن في تقرير له صدر منذ عدة سنوات، أنه حتى مجرد التفكير في أكثر من موضوع، من الممكن أن يسبب الإجهاد الذهني للمخ .

ووجد ويلسون أيضاً أن مجرد أداء الفرد لنوعين من النشاط في آن واحد، من الممكن أن يؤثر بالسلب في مستوى أدائه، إذ ينقص ما يعادل عشرة نقاط من مستوى ذكائه، تماماً مثل الشخص الذي يعاني عدم التركيز لعدم أخذ كفايته من النوم . ويقول البروفيسور ويلسون الذي يعارض بشدة إجهاد المخ بعدد متنوع من المهام الذهنية “لا يمكن للإنسان أن يؤدي مهام متنوعة في الوقت نفسه بدرجة كبيرة من الكفاءة، ولا تصدق من يقول إنه يستطيع ذلك” .

فإجهاد العقل بكثرة المهام الذهنية يؤثر سلباً في صفاء الذهن، كما أن التنقل بين تلك المهام يقلل أيضاً من كفاءة عمل المخ .

وأوردت دراسة أمريكية نشرت في جريدة علم النفس التجريبي أن حل المسائل الرياضية المعقدة يتطلب من الطلاب وقتاً أطول، إذا كان مطلوباً منهم أداء مهام أخرى في الوقت نفسه، وقد سجل أداؤهم تأخراً بنسبة أربعين في المائة .

ووجدت نفس الدراسة أن تعدد المهام الذهنية له تأثير سلبي في جسم الإنسان ككل، إذ يحفز اندفاع هرمونات الإجهاد ويزيد من تدفق الأدرينالين .

وتقول جلوريا مارك من جامعة كاليفورنيا إنه عندما ينتقل المخ البشري من مهمة إلى أخرى، فقد تكون هناك سرعة في الأداء ولكن تقابلها قلة في الإنتاج . وبعد مرور عشرين دقيقة من الأداء المتقطع، سجلت التجارب مستويات عالية من الإجهاد الذهني والإحباط والضغط العصبي .

الفروق بين الذكور والإناث

ولم تظهر أي من هذه البحوث فروقاً في ذلك بين الذكر والأنثى، ويدحض هذا الاعتقاد السائد بأن عقل المرأة يتعامل بكفاءة أكبر مع المهام الذهنية المتعددة .

والحقيقة التي خلصت إليها التجارب هي أن المرأة تشعر بقدر أكبر من السعادة والرضى عند محاولتها القيام بأكثر من مهمة في الوقت نفسه .

ويعزو الدكتور آلان كين، أستاذ علم السلوك بجامعة كوينزلاند المركزية في أستراليا، حالات الهياج العصبي التي يعاني منها بعض الأشخاص، إلى الضغط الناتج الذي يتعرض له المخ عندما يطلب منه أداء عدد متنوع من المهام الذهنية .

ويبرهن على ذلك بقوله إن ساكني المدن الكبيرة شديدو الانفعال وسريعو الغضب، بسبب تنوع المهام التي تطلب منهم، والتي تحدث تغيرات كيميائية في المخ تسبب ارتفاعاً مزمناً في معدل إفراز هرمون الإجهاد “الكورتيزول”، والذي يؤدي بدوره إلى تغييرات كبيرة في سلوك الفرد، إذ تكسبه سلوكاً عدوانياً واندفاعياً، ويترجم ذلك على المدى البعيد إلى أمراض القلب والأوعية الدموية . وإضافة إلى الآثار الفورية المباشرة التي تنتج عن تعدد المهام الذهنية، هناك أيضاً مجموعة من الآثار السلبية التي تظهر على المدى البعيد، وسيعاني منها جيل الشباب خاصة .

التركيز والتعلم

ذكر تقرير أورده أحد العلماء الأمريكان ونشرته جريدة “سايبرسيكولوجي أد بيهافيور” أنه كلما انخرط الشاب في أداء عدد متنوع من المهام الذهنية المتزامنة، قلت قدرته المستقبلية على التركيز في مهمة واحدة، حتى لو كانت هذه المهمة بسيطة .

ويقول البروفيسور راسيل بولدراك أستاذ علم النفس في جامعة كاليفورنيا، إن محاولة التعلم أثناء القيام بشيء آخر في الوقت نفسه، مثل أداء الفروض المدرسية أثناء مشاهدة التلفاز، من شأنه أن يرسل معلومات إلى الجزء غير المناسب من المخ .

وعندما أجرى البروفيسور راسيل أشعة مقطعية على المخ، وجد أن القيام بمهام أخرى أثناء عملية التعلم أو أثناء المذاكرة، يرسل معلومات إلى تلك المنطقة من المخ المسؤولة عن تعلم المهارات الجديدة، والتي يصعب استرجاع الحقائق والأفكار منها مرة ثانية، وإذا لم يتعرض المخ إلى أي نوع من التشتيت، تتجه هذه المعلومات إلى منطقة ثانية من المخ مسؤولة عن تخزين واسترداد المعلومات .

ويقول إدوارد هالويل، عالم النفس الأمريكي “إن مستويات الضجيج والتشويش التي يتعرض لها المخ تؤثر سلباً في كفاءته وفي مقدرته على التركيز” .

وتشتت الذهن بهذه الطريقة قد يسبب شكلاً من أشكال التوحد لدى الأطفال الذين لديهم اهتمامات بوسائل التقنية الحديثة، ما يؤثر سلبياً في قدرتهم على التفاعل مع الآخرين .

ويحذر جاري سمول، عالم الخلايا العصبية ومؤلف كتاب “آي برين” من أن الأطفال الذين يمضون شطراً كبيراً من حياتهم في أداء مهام ذهنية متعددة ومتزامنة، يفقدون العديد من الفرص المتاحة لتطوير العديد من مهاراتهم الشخصية الضرورية . ويضيف سمول “كلما ضعفت كفاءة عمل دوائر المخ العصبية التي تتحكم في مهارات الاتصال بين الناس، ضعف التفاعل الاجتماعي بين البشر، لأن أي تغير في عمل هذه الدوائر يؤدي قطعاً إلى ترجمة خاطئة للرسائل التي تصل إلى المخ، ما يؤدي إلى إساءة فهمها، وقد يسبب ذلك مرض التوحد .

التأثير في العاطفة والوعي

إن هذا الانتقال الجنوني بين المهام المتعددة قد يسلب البشر مستقبلاً أهم الصفات التي تميزهم عن غيرهم من الكائنات الأخرى، مثل العاطفة والوعي الذاتي والقدرة على الإبداع .

والسبب وراء ذلك، كما يقول الدكتور دانيال سييجل أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة لوس أنجلوس في كاليفورنيا، هو أن تعدد المهام الذهنية يحرم المخ من فترات التوقف المؤقتة التي يحتاج إليها لتطوير مصادر المعلومات الداخلية والموصلات العصبية الموجودة في القشرة الخارجية للمخ، وهي الجزء المسؤول عن ظهور الإنسان بذلك الشكل المتحضر . ويضيف قائلاً “عند القيام بعدة أشياء في نفس الوقت، فإنك تضطر إلى التعجل في أدائها، فتحول بذلك دون إشراك كل موصلات المخ العصبية في تنفيذ العملية” .

ويقول الدكتور دانيال” إن المشكلة الأكبر التي يجب أن نركز عليها هي مستقبل الأطفال الذين يكبرون وقد حرمتهم الحياة من فترات التوقف المؤقتة تلك ومن الوقت والعلاقات الاجتماعية العميقة التي تلعب دوراً مهماً في تطوير وتنمية وتعزيز دور تلك المنطقة الموجودة بالمخ” .

خطر التحدث في الهاتف أثناء قيادة السيارة

في إحدى الدراسات (عام 2024)، طلب من مشاركين ينتمون لفئتين عمريتين : فئة من 20 ،30 وفئة من 60 70 أن يتصلوا برقم هاتف معين يتكون من 11 رقماً ليتأكدوا من الشخص صحة الرقم، ويغلقوا الهاتف . وكان هذا مطلوباً منهم أثناء قيادتهم للسيارة، كما أضيف إلى هذه المهام أنه يجب عليهم أن يوقفوا السيارة حين تتحول الإشارة الضوئية للأحمر . وكان الهدف من الدراسة أن يقارنوا بين القدرات العقلية على تأدية مهام متعددة وبين العمر . وقد أظهرت النتائج أن قدرات الفئتين على تأدية مهمة القيادة (بما يشمل التوقف عند الإشارة الحمراء) متطابقة، لا اختلاف فيها . ولكن حين طلب منهم القيادة بالإضافة إلى تأدية مهمة الاتصال، أظهرت الفئتان انخفاضاً واضحاً في قدرة الفئتين على التوقف عند الإشارة الحمراء والقيادة بشكل منظم . وكان الانخفاض أكبر لدى الأكبر عمراً .

إن كنت مضطراً فاتبع الآتي:

يوصي المختصون بعدة نصائح يجب على الفرد اتباعها والعمل بها في حالة ما إذا فرضت علينا الظروف ضرورة أداء مهام متنوعة في نفس الوقت، وهي كما يلي:

* الابتعاد عن أداء المهام المتعددة في فترة ما بعد الظهر، لأن المخ في تلك الفترة يكون في أكثر حالاته من الإجهاد .

والجدير بالذكر أن العلماء يعملون حالياً على ابتكار أدوات يمكنها التنبؤ بأنسب الفترات التي يستطيع فيها المخ أداء مهام ذهنية متعددة .

* أعط نفسك فرصة للاستغراق في التأمل والتفكير، إذ أظهرت نتائج الأشعة التي أجريت على المخ أن بعض الأشخاص قد تمكنوا من تطوير مناطق معينة داخل المخ مرتبطة بالذاكرة والانتباه، عن طريق التأمل .

كما أثبتت بعض البحوث الأمريكية أن استغراق العقل في التفكير والتدبر يرفع من كفاءته وقدرته على التركيز والانتباه .

* قم بأداء عدد من المهام الذهنية البسيطة كنوع من التدريب، فقد أثبتت التجارب أنه يمكننا تحسين أدائنا عندما تكون المهام سهلة وبسيطة، كما يقول بول دوكس أستاذ علم الأعصاب في جامعة كوينزلاند المركزية بأستراليا .

فقد قام دوكس بتدريب مجموعة من الأشخاص لمدة أسبوعين، على القيام بعدد متنوع من المهام الذهنية البسيطة في نفس الوقت، وطلب منهم الضغط على زر معين عند الاستجابة لإشارة بصرية، والضغط على زر آخر عند الاستجابة لإشارة لفظية . ووجد أن المتدربين قد أتموا المهام التي طلبت منهم بسرعة ملحوظة، وأوعز دوكس ذلك إلى سهولة المهام المطلوبة .

وإذا استوعبت فكرة أنه لا يمكنك ممارسة تعديد المهام مع كل المهام، اقرأ النصائح الآتية:

* خصص وقتاً للتركيز على المهام المعقدة التي تتطلب وقتك كله .

* اعمل على مهماتك بتناوب، ركز مرة على عمل ومرة أخرى على العمل الآخر، كأن تكتب مقالة وعندما تتعب تذهب لكتابة مقالة أخرى .

* اعمل على مهام متجانسة وملا ئمة لبعضها بعضاً، فمثلاً الاستماع لكتاب صوتي وقراءة كتاب تتطلب نفس النوع من التركيز فلا تستطيع التركيز على الاثنين في الوقت نفسه، فبدلاً من ذلك قم مثلاً بترتيب الغرفة والاستماع للراديو .

* اختر مهام يمكن مقاطعتها برنين الهاتف مثلاً، بأداء أعمال أخرى ولا تتأثر بهذه المقاطعة، فعندما تقوم بالكتابة رنين الهاتف قد يؤثر في سير أفكارك فيصعب عليك الرد على الهاتف والكتابة، في حين إن كنت تقرأ ورن الهاتف لن يؤثر ردك على الهاتف في قراءتك .

سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.