المقدمة :-
هناك طلب متزايد على الغاز الطبيعي كوقود حول العالم. وهو وقود نظيف يوجد في مناطق معينة فقط ومنطقة الشرق الأوسط إحدى هذه المناطق. ولكن أكبر المستهلكين للغاز الطبيعي – مثل أوروبا والشرق الأقصى – بعيدين جدا من مناطق الانتاج. ولذلك من المهم اقتصاديا نقل الغاز الطبيعي ومثل الهواء الذي حولنا تماما، فالغاز الطبيعي في حالته الطبيعية يحتل مساحة كبيرة.
ولكن يجب إرساله بكميات كبيرة لكي يكون مجديا اقتصاديا. ويمكن إرساله إلى الزبائن في شكله الطبيعي عبر خطوط الأنابيب ولكن مد خطوط أنابيب إلى الزبائين الذين يبعدون آلاف الكيلومترات من مواقع الإنتاج ليس بالأمر العملي أو الاقتصادي ولكن هناك طريقة أخرى. فإذا تم تبريد الغاز الطبيعي إلى 160 درجة مئوية تحت الصفر فإنه يصبح سائلا وفي شكله السائل فإن حجمه ينقص بمقدار 600 مرة مما يجعل من الممكن تحميل كميات ضخمة من الغاز في ناقلات البترول وشحنه إلى الزبائين حول العالم .
الموضوع :-
ما هو الغاز الطبيعي؟
عند تبريد الغاز الطبيعي إلى درجة حرارة 160 درجة فهرنهايت تحت الصفر في ضغط جوي فإنه يتكثف في شكل سائل يسمى الغاز الطبيعي المسال ويعرف اختصار في اللغة الإنجليزية بـ (LNG) . فمقدار واحد من هذا السائل يأخذ 600/1 من حجم الغاز الطبيعي في رأس شعلة الموقد. ويزن الغاز الطبيعي المسال أقل من واحد ونصف من حجم الماء وفي الحقيقة يبلغ 45% تقريبا.
ومن خصاص الغاز الطبيعي المسال أنه عديم الرائحة واللون ولا يسبب التآكل وغير سام. وعند تبخيره فإنه يشتعل فقط في درجات تركيز من 5% – 15% عند مزجه بالهواء والغاز الطبيعي المسال أو بخاره لا ينفجران في بيئة مفتوحة.
التركيب:
يتكون الغاز الطبيعى من العوالق ()، وهي كائنات مجهرية تتضمن الطحالب والكائنات الأولية ماتت وتراكمت في طبقات المحيطات والأرض، وانضغطت البقايا تحت طبقات رسوبية. وعبر آلاف السنين قام الضغط والحرارة الناتجان عن الطبقات الرسوبية بتحويل هذه المواد العضوية إلى غاز طبيعى، ولا يختلف الغاز الطبيعى في تكونه كثيراً عن أنواع الوقود الحفرى الأخرى مثل الفحم والبترول. وحيث أن البترول والغاز الطبيعى يتكونان تحت نفس الظروف الطبيعية، فإن هذين المركبين الهيدروكربونيين عادةً ما يتواجدان معاً في حقول تحت الأرض أو الماء، وعموماً الطبقات الرسوبية العضوية المدفونة في أعماق تتراوح بين 1000 إلى 6000 متر (عند درجات حرارة تتراوح بين 60 إلى 150 درجة مئوية) تنتج بترولاً بينما تلك المدفونة أعمق وعند درجات حرارة أعلى تنتج غاز طبيعى، وكلما زاد عمق المصدر كلما كان أكثر جفافاً (أى تقل نسبة المتكثفات في الغاز). بعد التكون التدريجى في القشرة الأرضية يتسرب الغاز الطبيعى والبترول ببطء إلى حفر صغيرة في الصخور المسامية القريبة التي تعمل كمستودعات لحفظ الخام، ولأن هذه الصخور تكون عادةً مملوءة بالمياه، فإن البترول والغاز الطبيعى – وكلاهما أخف من الماء وأقل كثافة من الصخور المحيطة – ينتقلان لأعلى عبر القشرة الأرضية لمسافات طويلة أحياناً. في النهاية تُـحبس بعض هذه المواد الهيدروكربونية المنتقلة لأعلى في طبقة لا مسامية (غير منفذة للماء) من الصخور تُعرف بـ صخور الغطاء (Cap Rock)، ولأن الغاز الطبيعى أخف من البترول فيقوم بتكوين طبقة فوق البترول تسمى غطاء الغاز (Gas Cap). ولا بد أن يصاحب البترول غاز يسمى بـ الغاز المصاحِب (Associated Gas)، كذلك تحتوى مناجم الفحم على كميات من الميثان – المُكوِن الرئيسى للغاز الطبيعى -، وفي طبقات الفحم الرسوبية يتشتت الميثان غالباً خلال مسام وشقوق المنجم، يسمى هذا النوع عادة بـ ميثان مناجم الفحم.
كيفية تخزين الغاز الطبيعي المسال:
تحتوي صهاريج نقل الغاز الطبيعي المسال على بناء ذو جدارين مع عزل فعّال بصورة كبيرة بين الجدران تمتاز صهاريج الناقلات الضخمة بنسبة باعية منخفضة (نسبة الارتفاع إلى العرض) وتصميم اسطواني مع سقف في شكل قبة.
ودرجات الضغط للتخزين في هذه الناقلات منخفضة جدا، أقل من 5 درجات (psig) . يمكن تخزين كميات صغيرة مثل 70.000جالون وأقل في صهاريج أفقية أو رأسية ذات فراغ جوي مضغوط. وقد تكون هذه الصهاريج تحت ضغط في أي مكان أقل من 5 درجات (psig) إلى أكثر من 250 درجة (psig) .
ويجب المحافظة على برودة الغاز الطبيعي المسال (84 درجة فهرنهايت تحت الصفر على الأقل) لكي يبقى سائلا ومستقلا عن الضغط .
كيف تتم المحافظة على برودته؟
إن عملية العزل مهما كانت فعاليتها لا تستطيع بمفردها الحفاظ على درجة برودة الغاز الطبيعي المسال ويحفظ الغاز الطبيعي المسال كـ "مبرد في حالة غليان" وهو سائل بارد للغاية عند نقطة غليانه في الضغط المحفوظ فيه. والغاز الطبيعي المسال المخزن يعد نظيرا للماء المغلي غير أن برودته تزيد بـ 260 درجة مئوية فقط .
إن درجة حرارة الماء المغلي التي تعادل 100 درجة مئوية لا تتغير بالرغم من الحرارة المتزايدة بسبب تبريدها بواسطة عملية التبخير (توليد البخار). وبنفس الطريقة سيبقى غاز الطبيعي المسال في درجة حرارة ثابتة تقريبا فيما إذا تم حفظه في ضغط ثابت. وتسمى هذه الظاهرة بـ "التبريد الذاتي" وتظل درجة الحرارة ثابتة ما دام يسمح لبخار الغاز الطبيعي المسال بمغادرة غلاية الشاي (الخزان).
وإذا لم يتم سحب البخار فإن ذلك سيؤدي إلى رفع درجة الحرارة داخل الوعاء. وحتى عند درجة ضغط 100 (psig) فإن درجة حرارة الغاز الطبيعي المسال ستكون 129 درجة فهرنهايت تحت السفر تقريبا.
الاحتياطيات العالمية من الغاز الطبيعى
نظراً لارتفاع المستوى المادى للبشر في العالم فقد زاد استهلاكهم من الطاقة بشدة من أجل تسيير السيارات التي تحملهم لأعمالهم، ومن أجل الكهرباء التي صارت لا غِنى عنها في الحضارة الحديثة، وغير ذلك كثير. وحيث أن مصادر الطاقة في العالم ناضبة وغير متجددة يُعرَّف الاحتياطى المؤكد – من البترول أو الغاز الطبيعى – لحقل ما بأنه الكمية القابلة للاستخلاص على مدى عمر الحقل في ظل التكنولوجيا والاعتبارات الاقتصادية السائدة، وطبقاً لتعريف مجلة البترول والغاز (Oil And Gas Journal) الأميركية المتخصصة يتم تعريف الاحتياطى المؤكد من الغاز الطبيعى بأنه : الكميات التي يمكن استخراجها في ظل ما هو معروف حالياً من الأسعار والتكنولوجيا، أما هيئة سيديجاز (Cedigas) الفرنسية فتُعرِّفه بأنه : الكميات المكتشفة التي يتأكد بقدر معقول من اليقين إمكانية إنتاجها في ظل الظروف الاقتصادية والفنية السائدة. ويُعدَّ التعريف الأول الأكثر تحفظاً لذا نجد أن احتياطيات الغاز الطبيعى العالمية في أول يناير عام 1999 طبقاً لتقدير مجلة البترول والغاز تقل بنسبة 7 % عن تقديرات سيديجاز، بل إن احتياطيات الغاز الطبيعى لمنطقة الشرق الأقصى كانت طبقاً للمجلة تقل بنسبة 30 % عن تقديرات سيديجاز !. وكلا التعريفين يخضع للتقدير الشخصى أكثر منه لمعايير موضوعية ثابتة يمكن قياسها بدقة، لذا نجد بعض الدول تلجأ للمبالغة في تقدير ما لديها من احتياطيات – وتسميها بالمؤكدة – لأسباب كثيرة سياسية واقتصادية كالرغبة في الاقتراض بضمان ثروتها البترولية والغازية، كما إن شركات البترول العالمية تميل أحياناً للمبالغة في التقديرات بهدف تقوية مراكزها المالية أو لتبرر قيامها بالإنتاج بوفرة، أو لتبرر إمكانية التصدير لخارج الدول المنتجة. ومن أمثلة عدم دقة حسابات احتياطيات الثروة البترولية ما قامت به المكسيك من خفض احتياطياتها المؤكدة من الغاز الطبيعى بأكثر من النصف من 64 تريليون قدم مكعب عام 1999 إلى 30 تريليون قدم مكعب في عام 2024، وأيضاً قيام بريطانيا في التسعينات بخفض احتياطياتها المؤكدة من البترول بنفس القدر. و تصل إجمالى احتياطيات الغاز الطبيعى في العالم – طبقاً لأرقام عام 2024 – لحوالى 6112 تريليون قدم مكعب، وأكبر احتياطى للغاز الطبيعى في العالم يوجد في روسيا الاتحادية، ويبلغ قدره 1680 تريليون قدم مكعب)
إنتاج الغاز ومعالجته
يستخرج الغاز الطبيعي من ابار شبيهة بابار النفط يوجد الكثير من تجمعات الغاز على مبعدة من الشاطئ ويتم نقل الغاز بالانابيب من منصات الإنتاج المشاطئة إلى نقطة تجميع على الشاطئ ومنها إلى معمل تكرير حيث ينقّى. في مرحلة التنقية الأولى، يزال الماء واي سائل أخرى من الغاز بفعل الجاذبية ثم يمرر الغاز الجاف عبر مبرد حيث يتسيل البروبان ويجمعان. ويسوق غازا البترول المسيل كمواد اولية لتصميع الكيماويات أو يعبأ في قواوير كوقود كوقود للسخّانات ومواقد الطبخ في المنازل. ما يتبقى من الغاز الطبيعي يمكن ضخه عبر شبكة امداد أو يمكن تسيله بالتبريد والضغط وتسويقه كغاز طبيعي